
خلف شطآن الورق .. للشاعر هشام ذياب المصعدي (أمير الحروف)
.......................................................
سفحت عيـوني دمعهـا
فتسـاقطت مثـل المطرْ
صنعتُ منها قهوتي ونديم فنجــاني السهرْ
أذبتُ فيـــه قطعتين كالهمس حلوا بالسمرْ
فصــاح مني غاضباً في ثورةٍ حين انفجــرْ
بمـــرارة البُن الثقيـــــل
من غيضهِ لمــــا استعرْ
اللهُ مــا أحلى الدمــوع
اللهٌ أيضـــاً مــــا أمـــــرْ
أسقطت سهـواً من يدي فنجـانها
وقهوتي قد بعثرت حين إنكســرْ
مــــاذا يدور بخـــــاطري
مـا خـالني يوم النزوح مع السفرْ
أأصـابنـــي داء المشيب مبكراً قبـــل الكبرْ
الحلــم كـــــان سفينتي
فصلت من قلبي الشراع ومـا تبقـــى للعَلمْ
وجعلت مجدافـي القلمْ
والشـــوق أيضـــاً دفتي
أبحرتُ نحوكِ مسرعاً على محيط دفـــاتري
من خلف شطــآن الورق
دخلت أخدود المضيق مع المـآسي والمحن
ولستُ أدري ما سيأتي من جديد في الزمن
أحشـاؤه حبلى بمرجان الخطرْ
تخبأت بيــــن السطـــورْ
من خــوفهــــــا عند العبــــــورْ
طغيــان إعصــــــارٍ يدورْ
طوفـــانهُ دومــــاً يثـــورْ
مُتخفيـاً تحت الضبـــاب
ويرتدي ثوب الدخــــــان
مثــل الأســـاطير التي حفظتها
تصعدت سحــابةً كأنهــــا جنيةً
فأحــرقت كـــل البخــورْ
بهــزيع في جنـح الظلامْ
اليوم فـي صمت الكـلامْ
مع الصراع فــلا ســــلامْ
نيرانها قد أُطفأت وقت السحورْ
فــــي لحظــــــة تحت القــــدورْ
مهما ادعت فرمادها فــي إفكها كل الفجورْ
هــل تنتهي سفينتـي كالتيتنك
لـم تهتدي ميناءهــــا في دربها
فالموت أنبت من صقيع البرد لهــــا الجبال
بين الميـاه لتنتحر سكرانةً فوق الصــخور
ثم انتهت غريقةً أشلاءهـــا تحت المحيطْ
وهي الكبيرة حجمها كجزيرةٍ باسم الغرورْ
وكل من كانوا علـى متن السفينة أصبحتْ
أرواحهم شريرة وكأنها متمردة
غضبـــانةٌ من صـــــوت أمـــــواج البحــــورْ
أشباحها كقـاطع وسط الطريق
والبعض منهـــــــا يدعي بأنه حامي الحمى
أو أنه منظمٌ بشروره لسيرنا شرطي المرورْ
أرواحهم تريد أيضــــــاً أن تنامْ
فلم تنم كبــــاقي موتانا هنا وســط القبورْ
ولم تجد أحبابهــــا أيضـــــــاً لها يوماً تزور
كقصيدةٍ تجزأت حروفها
فــــــي غيها بين السطورْ
كل المعاني أبحرت من خلف شطآن الورق
ولــــم تزل في غيها مأسورة بين السطورْ
وكأنها قد قررت أن تنتحر
بويلهــــا بعد الثبور
وبحمقها بعد الغرورْ
★
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق