
سفينةُ النجاة (في زمن الطوفان) .. للشاعر هشام ذياب المصعدي
........................................................
تحدثتْ عجــوزةٌ حكيمــةْ
عن قصـةٍ قديمــةْ
فـي بلـدةٍ عظيمــةْ
فصــولهــــــا مُخيفـةٌ أليمـةْ
نهـــــرٌ من الدمـــــــاءْ
فـي مسرحِ الجريمةْ
فـي الصبحِ والمسـاءْ
مُسفــــرةٌ عــواقبٌ وخيمــةْ
من يدعي بالإنتصار
تُصيبهُ الأحـزان والهزيمةْ
كمـــــا روى أجدادها
مــــا كــان فـي أيامهم
عن الرجـــــال الصــــالحينْ
حكوا لهــم مُحذرينْ
مما سيأتي بعدهـــم
من فتنـــةٍ كبـيـــــرةْ
في أخـــر الزمـــــان منذرينْ
بأن من أولادهـــــا
سينجبون من أصلابهم أحفادها
بالليل في الظلامْ
بعد الغــــــروبْ
ستُسمــعُ الرعـــودْ
في داخل الحدودْ
من خـارجِ الحدودْ
نيرانهــا ستشعــل الحــروبْ
سحـــابةٌ ســـــوداء
ستـرســــلُ الأمطارْ
سيــولهـــا الأخطارْ
فالريــح والإعصـارْ
والفقــرُ والحصــــارْ
والجهـــــلُ والمرضْ
والظلم والفســـــــاد
متهمون كلهم بالقتـــلِ و الدمــــارْ ْ
هذا هــو الطــــوفانْ
بالخــوفِ والأحـزانْ
لا أمــن أو أمـــــــــــانْ
فترحـــــلُ السكينةْ
من داخـلِ المدينةْ
لأنهــــا مرهــونةٌ رهينةْ
مأســورةٌ أفكارها هجينةْ
من يهتدي يُضلهُ قرينةْ
ما كان لا يجوزْ
بشـرعهم يجوزْ
لم تُكمل الحكايةْ
فاضت إلــى اللهِ روحـهــــــا
تـلـك العـجــــــوزْ
صلوا عليهـــــا حــــاضرينْ
من دون أن تُغسلْ
بالعطرِ لم تُجملْ
لــــم يلقوا فوقهـــــا الورود
وبالزهورِ لم تُكللْ
لأنهـــــــا شهيدةْ
حكيمة مجيدةْ
فقــال كهلٌ عـاقلٌ
يا معشــر الحضـورْ
جميعنا غداً سنسكن القبورْ
فالخيـــر والشــرورْ
هـــم فــــي صــــــــراعٍ مستمر
من أقـدم العصــــورْ
يا معشــر الحضــــورْ
من منكم بعلمهِ يدلنا عليها
عن أهلها
عن دارها
فلم يُجب منهم أحدْ
كٱنهــا غــريبةٌ
ليست من البلدْ
وفجأةٌ ... ... ...
صبيةٌ صغيرةْ
أحـولهــا مثيرةْ
تقدمت مشيرةْ
بإصبعٍ لنفسها
قالت لهم
نعــــــم أنا
أنا التـي أدلكم علـى المكان
كأنها ليست من البشــرْ
كأنها قادمةٌ من السفرْ
مضوا وراءها
سيراً على الأقدامْ
بصمتهم علامــة إستفهــامْ
حتى غدوا في خارج المدينة
وفجأةً توقفتْ
قالت لهــم تواضـــأوا
لكـي نصلـي ركعتينْ
تحيـةَ المكانْ
بعـــد الصــلاة
إلتقطت حصاصتينْ
رمتهمــــا على كــوخٍ صغير
هاتفةً يا جدتي ..
يا جدتي هل تأذنينْ
لمن معي من الضيوف بالدخولْ
تقدمت قائلةً
عليــــك منهــــم السلامْ
وقبلهم من ربنا السلامْ
لــــم يسمعـوا صوتاً أبدْ
فلـــم يكن في الكــــوخِ من أحدْ
قالت لهم ... ... صغيرة الدليـل
كنوز جدتي جميعها لمن وجدْ
فهرولوا جميعهم يفتشون كوخها
لـم يعثروا على الكنوزْ
تقدمت صغيرة الدليل
قائلةً هذا هــو الكتابْ
جلدٌ قديم فــي صرةٍ ملفوفةٍ
هذا هو الحجابْ
لمن أراد منكم النجاة
لمن أراد أن يفوزْ
فنفذوا وصية العجوزْ
عنــوان ذلك الكتــــاب
رسالتي وصيتي
إلى جميـع أمتي
بعد الصلاة والسلام
على النبي الهادي الأمينْ
من جاءنا بالنـور واليقينْ
ما قالهُ نبينا
في حجة الوداعْ
أمانكم ... إمانكم
إمانكم ... أمانكم
من الضلال والضياعْ
أمــوالكــم حرامْ
أعراضكم حرامْ
لا قتل لا صراعْ
تذكروا ... ... ...
ستفشلون بالنــزاعْ
تذكروا سفينة النجاة
مهما طغى الطوفان
تمضــي بلا شــــراعْ
سفينة النجاة
ما قالهُ نبينا في حجة الوداعْ
ْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق