الخميس، 29 ديسمبر 2016

أزمة الإفلاس الفكري ... أــ هشام ذياب المصعدي


أزمة الإفلاس الفكري ... أــ هشام ذياب المصعدي
الحلقة الثالثة ... (( مفهوم الإفلاس الفكري ونشأته))
السيادة ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 *** مفهوم السيادة ....

السيادة في مفهومها البسيط هي عبارة عن المساحة الطبيعية أو الاعتبارية الخاصة بأي شخصية طبيعية أو اعتبارية, ولا يحق لأي شخصية أخرى أن تصادرها أو أن تسطو عليها تحت أي مُسمى أو أي مبرر.
 فلكل كيان (دولة , مجتمع , فرد ....الخ) سيادته السياسية والاقتصادية والجغرافية ...الخ بالشكل الذي يتناسب مع خصوصياته ومبادئه وبالذات الأخلاقية منها, التي يؤمن بها ويعتقد أنها فاضلة ولها القدرة دون غيرها على تحقيق ما يمكن أن يُميزه عن غيره بشكل أفضل, ومن ثم فإن السيادة حينما لا تُفرض على ما هو حق لصاحبها, لا شك أنها سوف تؤدي إلى فقدانهِ حريته, على الرغم من عدم قدرة أي كيان أخر أن يُصادرها عليه إلا بتساهل من صاحب الحق, وبالقدر الكافي الذي يُمكْن الآخرين من عملية السطو عليها, لأن الحرية هي فطرة الله التي فطر الناس عليها منذُ اللحظة الأولى لخلق الإنسان, ولذلك يمكننا القول بأن الواجب على كل إنسان أن يُحافظ على خصوصياته (سيادته) من خلال عدم السماح لغيره بالدخول فيها أو إليها, بأي حالٍ من الأحوال مهما تكن المغريات أو الضغوط المادية وغير المادية, وهذا الشيء يجب أن لا يكون بمعزل عن علمنا بأن الكيانات القوية أو من تعتقد نفسها قوية بأنها لن تدخر جهداً أو وسيلة للإغراء أو الضغط في الحاضر أو المستقبل من أجل سلب هذه السيادة أو التدخل فيها أو إليها, كما يجب أن يكون هذا العلم أو هذه المعرفة مقروناً بإدراكنا أن التساهل هو أول الأبواب التي يصل من خلالها الغير إلى سلب سيادتنا, ومن ثم فإن الصمود لا بد أن يكون تحت شعار .. ((السيادة أو الموت)) ــ حتى نقطع كل الطرق أمام كل دخيل.
 وبالتالي حينما تُعلن الكيانات الضعيفة مدى استماتتها في الدفاع عن سيادتها, لن تستطيع الكيانات القوية أن تصل إلى ما تصبوا إليه من المصالح إلا عن طريق التعاون المشترك مع الآخرين من أجل تحقيق المصالح المشتركة, أما حينما تسمح الكيانات الضعيفة للكيانات القوية أن تتدخل في سيادتها, لا شك أنها سوف تسمع الكثير من المبررات القانونية والأخلاقية والاقتصادية والإنسانية لمثل هذا التدخل, والحقيقة هي العكس من ذلك تماماً

(( نحن نأكل لنعيش ونعيش لنفكر, ونفكر في الحفاظ على سيادتنا ومبادئنا في الحياة ومستعدون للموت في سبيل الدفاع عن هذه السيادة والمبادئ)) .. أ ـــ هشام ذياب المصعدي
إن مثل هذه المقولة حينما توضع موضع التنفيذ في صورتها النظرية والعملية سلوكياً سوف تصبح شعاراً مُعلناً على العالم من قبل الكيانات الضعيفة أو من يُعتقد بأنها ضعيفة أمام الكيانات القوية أو من يُعتقد بأنها قوية, فتتحدد المبادئ التي يجب على كل كيان أن يتعامل بها مع نفسه أولاً ومع غيره ثانياً من منطلق احترام السيادة, ومن ثم إذا كُنا نمثل إحدى الكيانات الضعيفة وهذا هو سلوكنا فإن أفكارنا سوف تسبقنا بالوصول إلى ما نصبوا إليه وهي أيضاً (الأفكار) من سيصل إلى أذهان غيرنا من الكيانات الأخرى فتُحد هذه الأفكار من مطالب ومطامع الآخرين, لأنها لن تتحول إلى حقيقة على أرض الواقع من خلال الأوامر أو الضغوط المفروضة , بل من خلال التعاون المشترك , وبالتالي إذا كانت الكيانات القوية تعتقد أو تجد مصالحها ضمن السيادة الخاصة بنا وهم يعلمون بأننا مستعدون للموت في سبيل الحفاظ على هذه السيادة سيحرصون على حياتنا وسيادتنا حرصهم على مصالحهم التي لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق التعاون المشترك وليس عن طريق علاقة التبعية للقوي من قبل الضعيف.
((إن الحياة والحرية هما هبتين عظيمتين من الهـ سبحانه وتعالى فلا يدعي أحدٌ من البشر أنه هو من يمنحهما لغيره , ولذلك إذا سُلبت عليك حريتك فلا تُصدق بأن ناهب حريتك سوف يمنحها أو يُعيدها إليك مرةً أخرى, لأنها تنتزع انتزاعاً, ولتعلم بأن الحرية هي الحياة , ومن يخشى الصمود في وجه الموت لا يسترد حياته أبداً لعيش ميتاً في جسد حي مازال يسعى فوق سطح الأرض, ليصبح غداً بالفعل ممن يسكنون في باطنها)) 
بقلم 
أ / الكاتب والشاعر هشام المصعدي

27 / 6 / 2014 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق