
أزمة الإفلاس الفكري ... 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الأولى ....
يعتبر الاستقرار بكل صفاته ومسمياته عموماً, وبصفته الاقتصادية خصوصاً من أهم الأهداف التي يسعى وراء تحقيقها أيّ كيان مهما كانت صفاته أو مسمياته ضمن الإطار الذي يُحدد أهم معالمه, ولذلك لا يمكن أن تبدأ لتنتهي حياة أي كيان (دولة , حكومة , مجتمع , منظمة , أسرة , فرد ) دون العيش في برهةٍ من عمره طال أو قصر مداها مع الأزمات والضغوط الاقتصادية, التي قد تمتد إلى حد الإفلاس المروع من حيث تفاعلات الأحداث وطول المدى, محولةً لقمة العيش إلى كارثة, لا يبكي منها أو بها كل الأفواه فقط, بل قد تتوقف بسببها البعض عن مجرد الحركة ليس لشيء سوى توقف أنفاس الشهيق والزفير في حياة أصحابها, الذين لم تجد أجسادهم خياراً أو بديلاً أخر غير الرحيل من هذا العالم إلى عالم أخر لا معنى فيه للأزمات ولا حياة بشرط الإنتاج والاستهلاك, في الوقت الذي لا تزال فيه جميع النقائض على قيد الحياة في الصراع من أجل البقاء, ومن ثم فإن الضغط أو الضعف مهما يبلغ إحداهما في القوة أو المدى, فإن الاستمرار على قيد الحياة يُعتبر أكثر الأهداف من حيث الأهمية لأي كيان ولا يعلو عليه في أهميته سوى التفكير وبالذات في القضايا التي يتألم منها الجميع أو يحلم بحلها الجميع, فالآلام والأحلام هي الأرض التي لا تُضاهيها سواها في خصوبة تربتها لزراعة الأفكار التي يجب رعايتها بالبرامج والخطط المختارة بعد النقاش الجاد والفاعل بين العقول التي لا يأكل أصحابها إلا من أجل العيش في عوالم الفكر والتفكير, لأن لقمة العيش مهما تكن مهمة لأجل الاستمرار على قيد الحياة فالأهم منها هو التفكير بعمليات زراعتها وصناعتها والحفاظ عليها وعلى السيادة التي تمتلكها ((فمن يفقد سيادته اليوم سوف يفقد لقمة عيشه غداً ومن يفقد لقمة عيشه غداً سوف يفقد حياته بكل معانيها بعد غد))... 
 وبالتالي فإن مرارة الجوع مهما تبلغ في ألامها فإن الأكثر منها إيلاماً هو تحول الإنسان إلى مجرد جسد يعيش ليأكل ويحلم متى سوف يأكل فيأتيه الموت وهو مفلس على كل المستويات ((اقتصادياً وفكرياً ... الخ)) , ولذلك فإن الأبشع من ألم الإفلاس المادي هو ألم الإفلاس الفكري ... ((من السهل أن نبني المصانع ولكن من الصعب أن نبني العقول)) .. الزعيم الراحل ـ جمال عبد الناصر.
ومن ثم نستطيع القول ...
 ((إن من يعيش دون تفكير ليس سوى قبر يسعى على ظهر الأرض ليصل إلى قبره الأخير في باطنها, لأن وجود الإنسان مرهوناً بضرورة التفكير والتفكير مرهوناً بالقضية)) .. أ ـ هشام ذياب المصعدي
 فإذا كان جيلنا يتنفس ويأكل ويشرب ويحلم ويتألم ويتكلم ـــــ فما هي قضيته وما هي أفكاره ليثبت للعالم وجوده أولاً ووجوده الفاعل ثانياً, أم أنه يكتفي بالصراخ ((أنا جائع, أنا فقير, أنا ... الخ)) ليثبت للعالم أنه مازال موجوداً
 ...........
بقلم 
الكاتب والشاعر هشام المصعدي
 
 
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق