الخميس، 20 سبتمبر 2018

حاكم عربي يقرأ السيرة الذاتية لكل الحكام العرب ... للشاعر هشام ذياب المصعدي ((أمير الحروف))

حاكم عربي يقرأ السيرة الذاتية لكل الحكام العرب ...
للشاعر هشام ذياب المصعدي ((أمير الحروف))
........................................................

أنا مـــــــازلت أحيا بصحــــراء جدي
متـــوسداً بالخــــوف أكتــــاف زندي
الدنيا كلها كأنها شبيهـةً بقـريتـي
لكنني أعيشهــا بوحدتي
بقطعــةٍ من القمـــــــاش خيمتــــي
معــروفــةٌ عند الجميـــع
خصصتها لكــــي يعيش فيها قادتي
كأنني جئت للدنيا وحيداً بمفردي
والحكم فيهــــــــــــا من حقــــي فقط
فليس لــــي فـــي النـــاس من مثيـــل
وليس لــــي فـــي النـــاس من شـريك
الناس كلهم كأنهم ذُريتي
محافظين ـ آكلين ـ شاربين ـ نائمينْ
بجهلهــم أعـــــزةً كالحــــــــــــــاكمينْ
من مثلهم فــي الغابرينْ
من مثلهم فــي الأخرينْ
جينــــاتهم فــريدةٌ لأنهــم مميــزينْ
من عند رب العــــالمينْ
الأمن والأمـــان والسلام
والحــرب والصــــــــــراع والخصـــــامْ
والصمت والدفـــــــــــــــاع والكـــــلامْ
من اختصـــــاص زوجتـي
لأنهـــــــا مليكتـي ـ زعيمتـي ـ أميرتي
هــــــي الرئيســـة فــــــــي حكومتــــي
هــــي التـــــــــي من ترتدي عمـــامتي
أنا المليـك فـــي جلالتي
أنا الأميـر صاحب السمو
أنا الرئيس فـي فخــامتي
أنا الزعيم فــي زعــامتي
أنا الحقير فــي حقــارتي
يستغرب الجميع يسألون ما حكايتي
فهـــــــل فقدتُ حيلتــــــي
لا تدخلوا فـــــــي حيـــرةٍ من أمــركم
أنا قويٌ قادرٌ ولــــــم أزل بكل طاقتي
مثـــــــل الحصـــــان والبعيــــر صحتي
هل تبحثون عن دليــــــــــــــل قدرتي
عندي هنــــــــــــاك خيمةً ســــــــريةً
هيــــا معـــي هيــــا معــــي
لكـي تشــــاهدوا الدليـــل
المخبأ الســـــــــري فــــــــي قيـــــادتي
ستعـــرفون مــــــــــا مدى كفـــــــــاءتي
وكــــم لـــديَّ من جيـــــوش
فراسنهم مـــع عبيد قوتي
أعدادهم كثيــــرةً مدعومةً بُعدتـي
خلف السجــون من وحوش
مطيعةً جميعهــــــــــــا وتحت إمرتـــي
عندي هناك أربع من النســـاء غيرها
فلـم تكن حبيبتي
ولم تكن عشيقتي
المستبدة هذه ليست ســوى طليقتي
أمــا الجـواري كثيرةً بلا عدد
ﻷننـي بالقــرب من رعيتــــي
أرعى مصالح الجميع
كل الدمــار والخـراب في سبيل رايتــي
والمـوت وحــده لكـــم
بقتلكم ستفتدي أرواحكم ســلالتـــــي
صبــــوا الكـــــؤوس رددوا أنشـــــودتـــي
أهلاً بكــــم جميعكم ضيــوف سهــرتي
لأنكــــم أحبتـــــــي
وهمكم همـــــــي أنا
فهمكم ليــــس الرغيف والدواء والسكن
شكـراً لكـم شكـرا لكـم فهمكـم ســلامتي
بعد العشــــاء تعـرفون سيـــرتــي
بدأتُ حاكماً صغير فــي بدايتي
فــي اللحظة الأولى مــع ولادتي
مع الذكاء والدهــاء
مع الشـــراب والكؤوس والنســـــاء
أنا اكتسبت خبرتي
وفجــــأة مــــــات أبي
ورثت عـرشه
حكمت مثـلهُ
قتلت كــل إخـــوتي
فعلت مثلمـــا فعــــل
فــي غدره أبــي العظيم كان قدوتـي
لكننــــي بحنكتـــي
غيرت في سياستي
لو تعلمون في الحياة ما هويتي
أنا العميــل لليهـــود
تجذرت عمـــــــالتي
تـوسـعـت قبيــلتــــي
تكـــــاثرت عشيرتي
بالمال والسلاح والحروب أسست دولتي
تطــــــورت من بعدهـــــــا الأمور كلهــــــا
بســــــــــرعةٍ كبيرةٍ مــــــــــــع ولايتـــــي
ثم اكتسبت شهرتي
سخرتهم يفتون لــي
كما أشاء في مهارتي
علمتهم قنـــاعتـــي
والبذل والعطاء والفنون فـــي شقـــاوتي
والإدعاء كاذباً بالمغريات في بساطتي
ســـــري الخطيــــر كامنٌ فـــــي حكمتــي
كم قصــــة أخذتهـــــــــــــــــا عن جدتي
فلتأخذوا وصيتي
لمن يريد أن يكون حاكماً
مثلـــــي أنا العظيم فــــــي وصــــايتـــــي
فليتبع مأثري فــــي سيرتي
بجهدكم ستكتمل مسيرتي
لا تغلقوا خمارتي
وداوموا بحــــــانتي
ومارسوا طقوصكم بحفلتي
لكــي تنالوا في دياركم محبة الشعوب
مثلي أنا قد نلتهــا بسمعتي
أرجـوا الجميع كرروا زيارتي
فـي كل ليـلةٍ يا أيها الكـرام
صبوا المـــزيد واشــــــــربوا بصحتـــــي
أنتم هنا رهـائناً مثل العبيد والجـواري
إن البــلاد كلهـــــــــا زنزانتي
فمـــــــارسوا بنشوة هــوايتي
لكـــي يعــــود للحياة طعمهـا
يا أيهــــــــــا المناضلين
لو تعلمون مـا مصيبتي
إنــــي فقـدت قدرتـــــي
بالعين وحدهــــــا فقط
وفـي وجودكم
وفي حضوركم
أعيش نشـوتي
قولوا معـي تلك العجوز
ملعونةً عليهـــــا لعنتي
تلك التـي جـاءت لنا دخيلةً في أُسرتي
أم الكلاب والضبـــاع خـــالتي
من عطلت بسحـــرهــــا إرادتي
خاطته فــــي وســــــادتي
خمسون عاماً من بلادتي
وثقت فــــــــي قدراتهــــــا
لأنهـــــــا عرافة حكيمةْ
مــــا أنجبت من حينمــــــــــا تزوجت أبي
لأنهـــــا مسكونة عقيمةْ
لكنهــــــــا خطيرةٌ لأيمةْ
فلم تكن طمعانةً بأن ينال إبنها ولايتي
سـرعـان مـــــــا ترى من يرفضون طاعتي
جعلتهـــــــــــــا المسؤولة عن حمــــــايتي
حتى جــرى مــا قد جــرى
هــــــــي التــي من خططتْ
وساهمتْ بكيدها وشاركتْ
مدفوعةً من الحقيــرة الصغيرة زوجتي
ابنـي الصغيــــــر أصبح السلطان والملكْ
فهذه خطيئتــي
وهذه مصيبتــــي
لأجله فعلت مـــــا فعلت في حمــــاقتــــي
أين الرجـال? ـ من مبـايعــي
كصـــاحبي ومنقذي وتابعي
لأسترد العرش من خليفتي
ومــــــــا فقدته من سلطتــــي
إن لــم يكن فــــي كل دولتي
سأكتفي على محيط أسرتي
الحـــاكـــم الشـــــــرعي إنه أنا
دستوركم قانونكــم شرعيتي
وشــرعكم ودينكـم شــرعيتي
وحقكـــم ونهبكم شــــرعيتــي
حياتكم وموتكم شـــــرعيتــي
ودفنكم وبعثكم شــــــرعيتــي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق