
اقرأ القصة بعناية وانظر لما بين السطور بقلبك وعقلك... لن تمنع القدر .. من يريد كل شيء يفقد كل شيء ..
قصة قصيرة للشاعر / هشام ذياب المصعدي أمير الحروف ..
((تحمل دلالات وأبعاد على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والدولة ـ نفسياً وسلوكيا واجتماعياً وسياسياً ))
........................................................
كانت سلمى فتاةً جميلة مليئة بالحيوية والنشاط أكملت دراستها الثانوية بتفوق والتحقت بالجامعة وهنالك تعرفت على شاب وسيم من زملائها اسمه سالم احبا بعضهما وحينما اكملا دراستهما اكرمهما الله بوظيفتين براتب كبير فتساعدا وخلال عام تزوجا فحباهما الله بطفل جميل جدا وذكي جداً وقوي البنية وجريء اسموه سليم وعندما بلغ من العمر عامين خشيا من نوم طفلهما معهما في نفس الغرفة فجهزا له غرفةً مليئة بالألعاب فكان الطفل يصحو في منتصف المساء ليطرق على غرفة أبويه يطلب من أمه أن تأخذه للحمام وبعد أن يعود من الحمام يصر على النوم بجوار والديه فلا يستطيعا أن يأخذا حريتهما ففكرت سلمى وفي ذات يوم قالت لزوجها سالم يجب عليك أن لا تحلق شاربك فاستغرب زوجها من طلبها ولكنه فعل ذلك من أجلها لحبه الشديد لها ـ حينها كان طفلها سليم قد بلغ من العمر أربعة اعوام قالت له يا سليم إن الرجال الذين لديهم شوارب كبيرة حينما يأتي الليل يتحولون إلى وحوش خصوصاً عندما تكون الغرفة مضاءة بالقنديل الأحمر ـ وبعد أن حكت سلمى تلك القصة لولدها سليم كان يُفيق في منتصف الليل يريد الذهاب إلى الحمام كعادته ولكنه كلما اقترب من باب غرفة والديه يرى الضوء باللون الأحمر فيتوقف عن طرق الباب خوفاً من أن يفتح له أبوه الباب وقد تحول إلى وحش كما قالت أمه فيعود إلى سريره ويتبول على نفسه وحينما يستيقظ في الصباح يرى والده بوله على سريره فيعنفه ويزداد سليم خوفاً من أبيه واستمر سليم على هذه الحالة حتى سن العاشرة إلا في تلك الليالي التي ينامها عند جدته سعدية حينما يكون والديه في رحلة عمل وذات يوم استيقظت سلمى وهي في المستشفى لأنها تعرضت هي وزوجها لحادث وهما في طريق عودتهما إلى البيت فتذكرت سلمى أنها كانت مع زوجها سالم عائدين إلى البيت من العمل وشاهدت طفلها سليم يقف أمام سريرها بالمستشفى وعيناهُ تذرفان الدمع فقالت له لا تقلق يا حبيبي ماما بخير لا تبكي , لكن سليم اخذ يصرخ وهو يبكي لكن أبي يا أمي مات وبعد عدة أيام تماثلت سلمى للشفاء وعادت إلى بيتها بصحبة ولدها سليم لكنها لم تستطع النوم حزناً على فراق زوجها سالم فخرجت من غرفتها وألقت نظرة على ولدها سليم وإذا به الأخر لم ينم فقالت له تعال يا حبيبي واخذته معها إلى غرفتها لينام مع أمه في نفس الغرفة ومن تلك الليلة وسليم يُفيق كعادته في منتصف الليل ويذهب للحمام ويعود لينام ففرحت أمه بأن ولدها قد كبر وبعد مرور ستة أشهر على وفاة سالم لاحظت سلمى بأن صديقاتها يتحاشينها عمداً فأخذت تفكر وتبحث عن السبب فلم تجد سبباً مقنعاً لذلك وخصوصاً أنها لم تخطئ في حق أحداً من صديقاتها فتحدثت مع والدتها بالأمر , وأخذت أمها تبحث وتبحث حتى تأكدت بأن صديقات سلمى يخشين من جمالها وأنوثتها على أزواجهن ثم حدثت بنتها سلمى بذلك ونصحتها أن تقبل بمن تراهُ مناسباً ممن يقدمون لطلب الزواج بها وهم كثيرون فاقتنعت سلمى بذلك وقالت لنفسها والله سأجعل صديقاتي يعدن لصداقتي وسوف أغيظهن بالزواج بشاب لم يسبق له الزواج واصغر مني بالعمر وكانت سلمى حينها قد أصبحت في منصب المدير العام , فأغوت بجمالها وأنوثتها وسلطتها أحد الموظفين الشباب حديثي العهد في التخرج من الجامعة فتزوجها وكان يومها ولدها سليم قد بلغ من العمر اثنى عشر عاماً , فعاد سليم للنوم في غرفته بمفرده وعاد يتبول على فراشه من جديد لأنه لم يكن يجرؤ على الذهاب إلى الحمام خصوصاً وهو يشاهد غرفة أمه مضاءة بالقنديل الأحمر فهو مازال يؤمن بما حدثته أمه في صغره بأن الرجال الذين لديهم شوارب يتحولون إلى وحوش في الليل وخصوصاً حينما يكونوا في غرفة قنديلها باللون الأحمر وبعد مرور عامين على زواجها لاحظت أن إحدى الموظفات الشابات تتقرب من زوجها الذي رفعته ورقته حتى اصبح نائباً للمدير العام , حيث كانت سلمى هي المدير العام , وكانت تلك الموظفة الشابة تعمل سكرتيرة لنائب المدير العام زوجها فقررت سلمى نقل تلك الموظفة إلى عمل أخر عقاباً لها , وفي نفس اليوم عادت سلمى للبيت مع زوجها في المساء واخذا يتناقشان ويتشاجران بعد أن دخلا غرفتهما التي كانت مضاءة بالقنديل الأحمر وولدها سليم في غرفته يسمع شجارهما بخوف شديد على أمه وعلى نفسه من ذلك الرجل الذي لديه شارب ويتحول إلى وحش في الليل بسبب قنديل الضوء الاحمر فتعالت أصواتهما هي وزوجها وقررت أن تذهب إلى بيت والدتها مع ابنها سليم لعدة أيام كي تهدأ الأمور بينها وبين زوجها فأخذت حقيبة يدها ومفتاح سيارتها بعد أن غيرت ملابسها وفتحت باب غرفتها ونادت يا سليم بصوت عالي جداً اتبعني إلى السيارة إلا أن ولدها سليم بمجرد فتح أمه لباب غرفتها توقع أن الوحش قد افترسها وهو الآن قد خرج من الغرفة ليفترسه أيضاً فقفز سليم من البلكون في الدور العاشر من شدة الخوف , وكانت أمه تظنه سوف يلحق بها إلى السيارة في الخارج , وحينما وصلت سلمى إلى باب البناية شاهدت أناساً كثر متجمعين , فاقتربت منهم لتنظر ما الشيء الذي يتجمعون حوله وسمعتهم جميعاً يقولون لا حول ولا قوة إلا بالله وعندما اقتربت أكثر شاهدت ولدها سليم مضرجاً بدمائه , فصرخت تنادي باسمه ـ سليم ـ سليم رد على أمك يا حبيبي ـ ففتح سليم عينه وقال كلماته الاخيرة قبل أن يلفظ أخر أنفاسه , الحمد لله يا أمي أن الوحش أبو شارب لم يفترسك وأنك بخير , فأخذت تصرخ وتصرخ وتصرخ أنا من قتلتك يا حبيبي يا سليم منذُ أن كنت طفلا وصنعت لك من الوهم وحشاً وجعلتك تُلقي بنفسك بين أحضان الموت , والناس يشاهدونها ويسمعونها ويقولون لا حول ولا قوة إلا بالله لقد جُنت المديرة بسبب موت ولدها , وبالفعل جنت سلمى وأودعها زوجها في المصحة واصبح مديراً عاماً وتزوج بتلك الفتاة التي كانت سكرتيرته وحاولت سلمى إبعادها عن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق